قبل أن أراكِ

أعـددت لـكِ
كـل شـيـئ
يـا سـيـدة الـسـيـدات
مـن قـبـل أن أراكِ
ومـن قـبـل أن تـدخـلـى حـيـاتـى
فـأحـضـرت لـكِ
قـصـراً جـمـيـلاً مـن الـمـفـردات
وفـضـاء مـلـيـئ
بـحـلـو الـكـلـمـات
وأشـجـاراً مـن الـيـاقـوت
وعـصـافـيـر تـغـرد
شـرقـاً وغـربـاً
وتـأتـي لـكِ
مـن كـل الـجـهـات
 

مـن قـبـل أن أراكِ
ومـن قـبـل أن تـدخـلـى حـيـاتـى
ومـن قـبـل أن أرى
حـقـول الـقـطـن
الـتـى تـكـسـوا يـديـكِ
وأعـددت لـكِ
أنـدر الأسـوار
وأغـرب الـخـواتـم
وكـتـب أسـمـاء الـزهـور عـلـيـهـا
وخـبـأت الـيـاسـمـيـن
ونـشـرت الـعـطـور 
فـي راحـتـيـهـا
وانـتـظـرت سـاعـة وصـول الـحـريـر
فـي يـديـهـا

 

 
مـن قـبـل أن أراكِ
و قـبـل أن تـدخـلـى حـيـاتـى
ألـغـيـت كـل مـا كـتـبـت
ومـزقـت كـل مـا رسـمـت
قـبـل أن أرى عـيـنـاكِ
فـأن حـروفـي أقـل جـمـالاٍ
مـن هـذا الـمـقـام
و أن طـمـوح الـعـبـارة
لا يـلـيـق
بـحـضـور الـحـريـر
وحـضـور الـرخـام

 

 
مـن قـبـل أن أراكِ
ومـن قـبـل أن تـدخـلـى حـيـاتـى
أعـددت لـكِ
مـديـنـة فـي بـلاد الـسـحـر
مـديـنـة لا تـغـيـب عـنـهـا الـشـمـس
حـتـى تـرى وجـة الـقـمـر
ولا يـشـكـو فـيـهـا اللـيـل
مـن الـوحـشـة
وطـول الـسـهـر
عـلـى ضـفـافـهـا يـجـرى
نـهـراً مـن الـثـمـر
وفـي سـمـائـهـا
تـراقـص الـنـجـوم
حـبـات الـمـطـر
مـن قـبـل أن أراكِ
ومـن قـبـل أن تـشـرق
شـمـسـكِ
فـى لـيـل حـيـاتـى
أعـددت لـكِ
مـعـذوفـة جـديـدة
للـدقـائـق والـسـاعـات
وألـغـيـت كـل زمـان قـبـلكِ
وألـغـيـت حـتـى زمـانـى
يـا امـرأة
تـسـكـن مـنـذ ألآف الـسـنـيـن
فـي أعـمـاق وجـدانـي
مـن قـبـل أن أراكِ
وأنـت داخـل تـفـاصـيـل حـيـاتـى
داخـل لـغـتـى
وكـلامـى وأشـاراتـى
فـأنـت الـشـعـر
وأنـت الـفـن
وأنـت الـثـقـافـة
و فـي أعـمـاقـى
أعـلـنـتِ لـعـيـنـكِ
 قـيـام دولـة الـخـلافـة

 

مـن قـبـل أن أراكِ
ومـن قـبـل أن تـدخـلـى حـيـاتـى
هـل كـانـت لـى حـيـاة
لا أتـذكـر
فـلا أرضـاً ولا بـشـر
لا أدبـاً ولا شـعـر
ولا زرعـاً ولا زهـراً
ولا مـطـر
مـن قـبـل أن أراكِ
ومـن قـبـل أن تـدخـلـى حـيـاتـى
مـا كـنـتِ أشـعـر
بـأى مـعـنـى لـحـيـاتـى